© WHO/Ploy Phutpheng
© الصورة

الصحّة النفسية والتشريد القسري

31 آب/أغسطس 2021

الحقائق الرئيسية

  • قُدّر عدد المهاجرين الدوليين في عامّ 2019 بنحو 272 مليون مهاجر (1). ويشكل اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون غير الشرعيين مصدر قلق خاص ويلزم تزويدهم بالحماية والدعم.
  • يمكن أن يتعرّض المهاجرون واللاجئون لعوامل ضغط نفسي مختلفة تؤثر على صحتهم ورفاههم النفسيين قبل الشروع في رحلة هجرتهم وخلالها وأثناء توطينهم ودمجهم.
  • تميل معدلات انتشار الاضطرابات النفسية الشائعة مثل الاكتئاب، والقلق، واضطراب الكرب التالي للرضح (الاضطرابات النفسية اللاحقة للصدمة) إلى الارتفاع بين المهاجرين المعرّضين للشدائد واللاجئين مقارنة بالسكان المضيفين.
  • يفتقر العديد من المهاجرين واللاجئين إلى الخدمات الصحية النفسية أو يواجهون عقبات في الحصول عليها، كما يواجهون تقطعاً في خدمات الرعاية يحدّ من استمراريتها. 
  • ينبغي تلبية الاحتياجات الصحية النفسية للمهاجرين واللاجئين عن طريق تنظيم برامج ترويج ووقاية شاملة وميسّرة؛ وتعزيز الصحّة النفسية كجزء لا يتجزأ من خدمات الصحّة العامّة؛ وضمان التشخيص والعلاج وإعادة التأهيل في الوقت المناسب.
  • يقدم المهاجرون واللاجئون مساهمة إيجابية في المجتمع، ولكن لا يمكنهم تسخير كامل طاقاتهم ما لم يتمتّعوا بصحّة بدنية ونفسية جيدة.

المشاكل والضغوطات التي يواجهها المهاجرون واللاجئون

غالباً ما يواجه المهاجرون واللاجئون مشاكل وضغوطات مختلفة يمكن أن تحلّ بهم في مراحل مختلفة من عملية الهجرة، وذلك كالتالي:

المرحلة السابقة للهجرة: الافتقار إلى سبل العيش وفرص التعليم والتنمية، والتعرّض للنزاعات المسلحة و/ أو العنف و/ أو الفقر و/أو الاضطهاد.

سفر الهجرة والعبور: التعرّض لظروف صعبة ومهدّدة للحياة بما فيها العنف والاحتجاز وعدم إتاحة الخدمات اللازمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

المرحلة اللاحقة للهجرة: العقبات التي تحول دون إتاحة خدمات الرعاية الصحّية والخدمات الأخرى لتلبية احتياجاتهم الأساسية، فضلاً عن رداءة الظروف المعيشية والانفصال عن أفراد الأسرة وشبكات الدعم، وانعدام اليقين المحتمل بشأن استحصال تصاريح العمل والوضع القانوني (طلب اللجوء)، واحتجاز المهاجرين في بعض الحالات.

الاندماج والتوطين: رداءة ظروف المعيشة أو ظروف العمل والبطالة وصعوبات الاندماج والتحديات المتعلقة بالهويات الثقافية والدينية والجنسانية، وتحديات الحصول على الاستحقاقات والسياسات المتغيرة في البلدان المضيفة والعنصرية والإقصاء والتوتر بين السكان المضيفين والمهاجرين واللاجئين والعزلة الاجتماعية والترحيل المحتمل.

عوامل خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية والحماية منها

يمكن أن تؤدي جميع الضغوطات المذكورة أعلاه إلى زيادة خطورة الإصابة باضطرابات نفسية. فالبطالة ورداءة الظروف الاجتماعية والاقتصادية وانعدام الاندماج الاجتماعي بين المهاجرين واللاجئين، على سبيل المثال، هي من عوامل خطر الإصابة باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تتسبب هذه الضغوطات كذلك في تفاقم مشاكل الصحّة الاجتماعية والنفسية القائمة أصلاً.

وتشمل العوامل التي تؤثر سلباً على الصحة والرفاه النفسيين للأطفال المهاجرين واللاجئين الحرمان الاجتماعي والاقتصادي، والتمييز، والعنصرية، وضعف التماسك الأسري، وتغيير المدارس بشكل متكرّر. والأطفال المفصولون عن والديهم المهاجرين معرّضون بشدّة لخطورة الإصابة بالاكتئاب، والقلق، والتفكير في الانتحار، واضطراب السلوك، ومشاكل تعاطي مواد الإدمان.

ومن ناحية أخرى، يمكن تخفيف وطأة الضغوطات بواسطة عوامل وقائية مثل إتاحة فرص العمل والخدمات، وتقديم الدعم الاجتماعي، وإتقان لغة البلد المضيف، ولمّ شمل الأسرة. وتشمل عوامل الحماية بين الأطفال اللاجئين المُعاد توطينهم تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وإتاحة فرص التعليم، والإحساس بالأمان، والاتصال بأفراد الأسرة، والعيش والتنشئة الاجتماعية جنباً إلى جنب مع أشخاص آخرين منحدرين من الأصل العرقي نفسه، وإقامة بنية أسرية مستقرة ومتماسكة وتمتّع الوالدين بصحّة نفسية جيدة.

معدلات انتشار الاضطرابات النفسية

يعاني العديد من المهاجرين واللاجئين من الضيق (كالقلق والحزن و/ أو اليأس و/ أو صعوبة النوم و/ أو الإرهاق و/ أو التهيج والغضب و/ أو الأوجاع والآلام). وتتحسن ردود الفعل هذه بمرور الوقت بالنسبة لمعظم الناس.

وتُظهر بعض الدراسات أن معدلات انتشار الاضطرابات النفسية الشائعة (مثل الاكتئاب والقلق واضطراب الكرب التالي للرضح) هي أعلى بين المهاجرين واللاجئين منها بين السكان المضيفين. ويميل طالبو اللجوء إلى أن يكونوا أكثر عرضة لخطر الانتحار. وهناك أيضاً بيّنات ثابتة على ارتفاع معدلات الإصابة بالذهان بين السكان المهاجرين في عدد من البلدان بسبب الأثر التراكمي لجوانب الحرمان الاجتماعي قبل الهجرة وأثناءها وبعدها.

تلبية الاحتياجات الصحية النفسية للمهاجرين واللاجئين

يلزم اتباع نهج شامل ومتعدّد التخصّصات وجامع لتلبية الاحتياجات الصحية النفسية للمهاجرين واللاجئين.

تذليل العقبات التي تحول دون الحصول على الرعاية الصحّية النفسية

ينبغي أن تشمل عملية تذليل العقبات التي تحول دون الحصول على الرعاية الصحّية النفسية ما يلي:

  • توفير معلومات واضحة عن استحقاقات الرعاية الصحّية النفسية وكيفية الحصول على الخدمات (مراكز الاستقبال أو التوعية المجتمعية أو المدارس أو المراكز الدينية أو الثقافية مثلاً)؛
  • التواصل مع الفئات المعرّضة للخطر (مثل القصّر غير المصحوبين بذويهم، والأشخاص ذوي الإعاقة، والأشخاص الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم من المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وأحرار الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين وأفراد الفئات الجنسانية الأخرى (LGBTIQ+)؛
  • تيسير إتاحة رعاية معقولة التكلفة وغير تمييزية بغض النظر عن الوضع القانوني، وضمان التغطية المالية لخدمات الصحّة النفسية والرعاية المقدّمة؛
  • تيسير عملية التواصل (بوسائل منها مثلاً إشراك المترجمين الفوريين والوسطاء الثقافيين)؛
  • توفير رعاية تركّز على الفرد وتحترم الاختلافات الثقافية؛
  • تسهيل إشراك قطاعات ونظم متعدّدة (مثل هيئات إنفاذ القانون والحماية والخدمات الاجتماعية والتعليم) لدمج اعتبارات الصحّة النفسية وتقديم الدعم وضمان إحالة الأفراد وإتاحة خدمات الصحّة النفسية.

دمج الصحّة النفسية في الرعاية الصحّية الأولية

يمكن أن تساعد إتاحة الرعاية الصحّية النفسية من خلال الرعاية الصحّية العامّة على تحديد المهاجرين واللاجئين المصابين باضطرابات نفسية، ويمكن أن تسهّل إتاحة الرعاية وتزيد مردوديتها (انظر مثلاً الدليلين الصادرين في إطار برنامج عمل المنظّمة لرأب الفجوة في الصحّة النفسية بخصوص التدخلات المنفّذة بشأن التدبير العلاجي السريري للاضطرابات النفسية والعصبية وتعاطي مواد الإدمان أثناء الطوارئ الإنسانية ( mhGAP-HIG ) والتدخلات المنفّذة بشأن علاج الاضطرابات النفسية والعصبية وتعاطي مواد الإدمان في المرافق الصحّية غير المتخصّصة ( mhGAP-IG)). وقد يتطلب تنفيذ التدخلات تطويعها بما يناسب وضع السكان المهاجرين واللاجئين مراعاةً للاعتبارات اللغوية والثقافية. وينبغي أن تكون التدخلات المنفّذة متّسقة مع المبادئ التوجيهية والسياسات الوطنية المتعلّقة بالصحّة النفسية في البلد المضيف.

ضمان استمرارية تقديم الرعاية

يتعين عند تقديم الرعاية الصحّية النفسية مراعاة اعتبار هام يتعلّق بطول مدة إقامة المهاجر أو اللاجئ في البلد المضيف. ويمكن تحسين استمرارية وجودة الرعاية الصحّية النفسية المقدّمة للمهاجرين واللاجئين المتنقلين من خلال وضع بروتوكولات دولية تكفل استمرارية تقديم الرعاية وتحسين التواصل بين مختلف مقدّمي خدمات الصحّة الاجتماعية والنفسية وتوفير معلومات أساسية مكتوبة مصمّمة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم، بحيث يتسنّى للمهاجرين واللاجئين أخذها معهم وإطلاع مختلف مقدّمي الخدمات عليها.

معالجة المحدّدات الاجتماعية وتعزيز التكامل والإدماج في المجتمع

ينبغي تجنّب السياسات والأحكام المتعلّقة بإدارة شؤون الهجرة التي ثبت أنها تؤثر سلباً على رفاه المهاجرين النفسي (مثل فصل الأسر عن الأطفال). ويمكن تيسير دمج المهاجرين واللاجئين في المجتمع بفضل الإنصاف في إتاحة فرص التوظيف والعمل اللائق، والتدريب المهني، والدعم المالي، وخدمات الحماية الاجتماعية، والاستعانة بالوكالات القانونية ووكالات إنفاذ القانون، فضلاً عن تقديم الرعاية الصحّية النفسية والدعم النفسي والاجتماعي. ويمكن أيضاً أن يساعد الاعتراف بالمهارات والمؤهلات المكتسبة قبل الهجرة على دمج المهاجرين واللاجئين في قطاع العمالة. وتشتمل الأنشطة والفعاليات التي تعزّز دمج المهاجرين واللاجئين في المجتمع على إقامة منتديات مجتمعية أو تنفيذ برامج إرشاد الأقران التي يتولى تنظيمها أفراد ينتمون إلى مجموعة اللاجئين أو المهاجرين نفسها ويحظون باندماج جيد فعلاً في المجتمع المحلي. كما يلزم إيلاء اهتمام خاص لدعم طالبي اللجوء.

استجابة المنظّمة

منظمة الصحة العالمية هي الوكالة الدولية الرائدة في ميدان إسداء المشورة التقنية بشأن الصحّة النفسية.

وقد وضعت المنظّمة خطّة العمل العالميّة (2019-2023) لتعزيز صحّة المهاجرين واللاجئين، وأقرّتها جمعية الصحّة العالميّة في أيار/ مايو 2019. وتتضمن خطّة العمل العالميّة أولويات ومبادئ توجيهية شاملة لتعزيز صحّة المهاجرين واللاجئين والإسهام في تحقيق هدف خطّة التنمية المستدامة لعام 2030 – المتمثل في عدم تخلّف أحد عن الركب. وتسلّط خطّة العمل العالميّة الضوء على كيف يمكن للعقبات العديدة التي يواجهها المهاجرون واللاجئون في الحصول على خدمات الرعاية الصحّية أن تعجّل بحدوث حصائل سلبية في مجال الصحّة النفسية.

وتوصي الخطّة بأولويات وخيارات عمل من جانب الأمانة بالتنسيق والتعاون مع المنظّمة الدولية للهجرة ومفوّضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وسائر الجهات الشريكة المعنية.

وفي أيار/ مايو 2021، أقرّت جمعية الصحّة العالميّة تحديثاً لخطّة العمل الشاملة للصحّة النفسية (2013-2030)، يهدف إجمالاً إلى تعزيز الرفاه النفسي والوقاية من الاضطرابات النفسية وتوفير الرعاية والنهوض بالتعافي وتعزيز حقوق الإنسان والحد من الوفيات وحالات المراضة والإعاقة بين المصابين باضطرابات نفسية.

وتلتزم المنظّمة بدعم الدول الأعضاء في تعزيز صحّة المهاجرين واللاجئين البدنية والنفسية من خلال تعزيز خدمات الرعاية الصحّية، حسب الاقتضاء وبما يناسب السياقات القطرية والأوضاع المالية، وبما يتماشى مع أولوياتها الوطنية وأطرها واختصاصاتها القانونية. كما تلتزم المنظّمة بضمان معالجة العناصر الأساسية، بما فيها توفير العلاج والرعاية في حالة الإصابة باضطرابات نفسية وسلوكية.

وتمشياً مع خطّة العمل العالميّة، تعمل المنظمة في مجال الصحّة النفسية في طائفة من البلدان والأراضي التي تستضيف أعداداً كبيرة من المهاجرين واللاجئين، ومن بينها بنغلاديش وكولومبيا وباكستان والعراق والأردن ولبنان وليبيا وباكستان وجنوب السودان والسودان وتركيا وأوغندا.

وتربط المنظّمة علاقات عمل وثيقة بسائر الجهات الشريكة للأمم المتحدة، بما فيها المنظّمة الدولية للهجرة ومفوّضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لتلبية احتياجات المهاجرين واللاجئين من الصحّة النفسية.

وتشارك المنظّمة كذلك في رئاسة الفريق المرجعي التابع للجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات والمعني بالصحّة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في حالات الطوارئ، الذي يقدّم المشورة والدعم للمنظّمات العاملة أثناء الطوارئ ويساعد على ضمان تنسيق وفعالية الاستجابة في مجال الصحّة النفسية. وكثيراً ما تتسبب الطوارئ في تشريد السكان وقد تجبرهم على أن يصبحوا من اللاجئين أو المشردين داخلياً.

وتستفيد معظم المنظّمات الإنسانية الدولية الكبيرة العاملة في مجال الصحّة النفسية من مشورة المنظّمة وأدواتها. وقد نشرت المنظّمة وشركاؤها مجموعة أدوات ومبادئ توجيهية عملية لتلبية احتياجات الصحّة النفسية للمتضررين من الطوارئ، بمن فيهم المهاجرون واللاجئون.  


(1) تقرير الهجرة في العالم 2020. المنظّمة الدولية للهجرة، جنيف.